إنقاذه للإمبراطورية:
وقد كان هرقل في بادئ الامر رجل دين نصراني من اصول ارمينية ساعد اباه الذي كان واليا للرومان على تونس عندما غلبت الروم من الفرس في القصة المشهورة التي خلدها القران قام ابوه البطريرق (هرقل) بتجهيز ابنه (هرقل بن هرقل) لينقذ الدولة قبل انهيارها فقام بمهاجمة القسطنطينية عاصمه الروم وأسقط الامبراطور فوكاس من العرش كمحاولة اخيرة لإنقاذ الدولة الرومانية من الاجتياح الفارسي و من الفوضى التي تعصف داخل الدولة بعد مقتل القيصر موريس فأبحر هرقل من تونس باتجاه القسطنطينية فاستولى على الحكم ونصَّب نفسه قيصرا منقذا للدولة ليحارب بعدها الفرس ومن ثم انتصر عليهم في معركه (نينوى) سنه 627م ليصبح هرقل بذلك بطل قوميا ودينيا عند النصارى.
شجاعة هرقل في مواجهة الفرس:
رسالة رسول الله له:
بعد ذلك حج هرقل الى القدس ماشياً على قدميه يشكر ربه على الانتصار وتصادف وجوده في القدس مجيئ رسول رسول الله الصحابي دحيه بن خليفه الكلبي وسلَّمه رسالة رسول الله التي جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد ابن عبد الله الى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى اما بعد فاني ادعوك بدعوه الاسلام أسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين فإن توليت فعليك إثم الاريسيين (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
فدعا هرقل بأحد العرب فجيء بجماعة بينهم أبو سفيان فطلب أقربهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم نسباً فرج أبو سفيان (فهو من الأمويين والأمويون أبناء عم الهاشميين) وجرى بينهم حوار فكان هرقلٌ يسأل وأبو سفيان يجيب حتى عرف هرق بأن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلٌ من عند الله ولكنه لم يسلم ومات كافراً.
الفتوحات الإسلامية:
في الوقت الذي خرجت منه الإمبراطورية البيزنطية منهوكة مجهدة بسبب صراعها الطويل مع الفرس، كان المسلمون يتجمعون حول فكرة واحدة، وهي فكرة الجهاد في سبيل الله الذي جعل من القبائل العربية كتلة سياسية واحدة متحفزة لأول مرة في تاريخ هذه البلاد، فقد حدثت هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى يثرب سنة 622 واتخذ من هذه المدينة قاعدة لتأسيس الدولة الإسلامية الجديدة.
والواقع أن البيزنطيين لم يدركوا أهمية الدين الإسلامي ولا التطور الذي بدأ يحدث في البلاد العربية في المرحلة الأولى من العهد الإسلامي، والغالب أنهم نظروا إلى الإسلام على أنه مجرد هرطقة جديدة من الهرطقات التي كانت تظهر في العالم المسيحي، كما أنهم نظروا إلى الحملات الإسلامية الأولى على أنها من قبيل غارات البدو التي اعتادتها الدولة البيزنطية علي حدودها الشرقية، تلك الإغارات التي كانت تهدف إلى السلب والنهب.
وقد واصل خلفاء الرسول تدعيم الدولة الإسلامية، كما قاموا بحركة الفتوح الإسلامية الكبرى وحققوا في ذلك نتائج هامة، فقد اندفع المسلمون إلى أراضي الدولة البيزنطية وتمكنوا في فترة محدودة من الاستيلاء علي معظم ولايتها الشرقية، وكان من أهم المعارك الأولى بين المسلمين والبيزنطيين معركة أجنادين سنة 634 م، ثم معركة اليرموك سنة 636 م والتي حددت مصير الشام لصالح المسلمين.
واصل المسلمين فتوحاتهم، ومات أثناء ذلك هرقل الذي أصبح شيخاً مريضا بالاستسقاء وترك لخلفائه عبء قتال المسلمين.
وفتح المسلمون برقة وطرابلس وواصلوا تقدمهم في شمال إفريقية، كما هاجموا آسيا الصغرى وفتحوا أرمينية، كما أدى بناء المسلمين لأسطول بحري إلى تهديد السيادة البحرية في شرق البحر المتوسط، فقد فتح المسلمين قبرص كما أغاروا علي رودس، وأصبحت القسطنطينية نفسها معرضة للخطر.
تقييم عام لعصر هرقل:
يعتبر هرقل بحق من أعظم الاباطرة البيزنطيين، فعلي الصعيد الحربي استطاع استعادة كل الولايات الرومانية التي كان الفرس قد استولوا عليها، بل انه علي الرغم من الخسائر الجسيمة التي تكبدها في حروبه ضد العرب المسلمين، منع الجيش الإسلامي من التقدم عند آسيا الصغري، كما كسر جيوش الخلافة في حملتها لغزو قرطاج. كما أنه أكمل عملية صبغ الدولة الرومانية بالطابع اليوناني، بفرضه اللغة اليونانية لغة رسمية للامبراطورية بعد أن كانت اللغة اللاتينية هي اللغة الرسمية، وصدرت كل المراسيم الامبراطورية في القرن السابع وكل المذكرات الرسمية باللغة اليونانية,وأختفت الألقاب اللاتينية وحلت محلها الألقاب اليونانية.
بواسطة: محمد أيمن هاروش