السلام عليكم أحبائي لطالما سمعنا بقصة مشهورة وهي قصة إحراق السفن والتي احرقها طارق بن زياد عند فتح الاندلس بهدف إثارة الحماس عند الجنود وتقوية عزائمهم…
وقام فيهم مخاطبا لهم فقال : أيها الناس أين المفر؟! البحر من ورائكم،. والعدو من أمامكم،. وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة. أضيع من الأيتام على مائدة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيوشه وأسلحته. وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم….حتى يقول في خاتمتها: وها أنا ذا حامل حتى أغشاه فاحملوا بحملتي.
هل قام طارق بن زياد بحرق السفن؟
وللعلم فإن فتح الاندلس كان في شهر رمضان لسنة 92 هجرية. وإن الكتب التاريخية التي كانت قريبة عهد من فتح الأندلس. لم تذكر في قصة فتح الأندلس حادثة تحريق السفن.
بل إن الكتب التي ذكرت هذه القصة. كانت بعد الفتح الإسلامي للأندلس بخمسة قرون.
وهذه القصة لا يمكن أن تكون حقيقية لعدة أسباب وهي أنه كما قال المؤرخون فإن طارق بن زياد لم يكن يجيد العربية وهذا لا يظهر من خطبته العصماء تلك.
وحتى لو كان يجيد العربية فإن حرق السفن بحد ذاته يعد فعل عسكري أخرق من قائد عظيم مثل طارق بن زياد
فالسفن ليست ملكه حتى يتصرف بها كيفما يشاء وهو ليس غبي لدرجة ان يقطع خط عودته وانسحابه
فهذا الفعل لا يتوقع من طارق بن زياد الذي كان واليا على طنجة وفاتح الاندلس والمغرب العربي.
وهذه القصة ذكرت لأول مرة في كتاب زهرة المشتاق في اختراق الآفاق وصاحب الكتاب هو الإدريسي أبو عبد الله محمد الذي توفي سنة 560 هجرية
وذكر القصة أيضا شخص اسمه عبد الملك بن الكرديوس والذي توفي بعد الادريسي بعقود.
وكلاهما ذكرا الحادثة بعد فتح الاندلس بخمسة قرون مع العلم أنهم أول من ذكر القصة.
وفتح الاندلس في عهد رواة الأحاديث من التابعين الذين كان يستخدمون أسلوب الجرح والتعديل في تصحيح الأحاديث الشريفة
وكان المؤرخون يسيرون على نفس المنهاج فلو كانت هذه القصة حقيقية لذكرت ولقالوا بضعفها على الأقل.
فعدم ذكرهم لها يدل على أنها غير حقيقة ولم تحدث أصلا.
وأيضا كما يروى أن الخلفة الأموي سليمان بن عبد الملك أرسل يطلب القائدين موسى بن النصير وطارق بن زياد
الذي عاتبهما على تعريض حياة الجنود للخطر بفتح الأندلس بهذه السرعة ولم يروى أنه حاسبهما على تحريق السفن وهذا أولى ان يحاسبهما عليه.
حرق السفن فيه تبذير لمال المسلمين
إن حرق السفن فيه تبذير لمال المسلمين فالمدد جاء لطارق بن زياد من خلالها واستكمل الفاتحون من بعده عملية الفتح من خلال ذات السفن.
ولم يحاسبه أحد على تضييع السفن بهدف لا معنى له كهذا
فالمسلمون لا يحتاجون لكل هذا فهم قد خرجوا في سبيل الجهاد فإما الانصر أو الشهادة.
وفي الختام
وهذا كان الجواب على سؤالنا ” هل قام طارق بن زياد بحرق السفن؟ ”
وفي الختام أود ان انصحكم اخوتي بأن لا تسلموا لأي قصة قبل ان تتأكدوا من صحتها.