كانت معركة نهاوند في السنة الحادية والعشرين وكان عمر قد قام بالناس خطيبا فقال:
(إن هذا يوم له ما بعده من الأيام، ألا وإني قد هممت بأمر فاسمعوا وأجيبوا وأوجزوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، إني قد رأيت أن أسير بمن سار قبلي حتى أنزل منزلا وسطا بين هذين المصرين فأستغفر الناس، ثم أكون له رداءا حتى يفتح الله عليهم).
فقام عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عون رضي الله عنهم في رجال من أهل الرأي، فتكلم كا منهم منفردا فأحسن وأجاد، واتفق رأيهم على أن لا يسير من المدينة، ولكن يبعث البعوث ويحصرهم برأيه ودعائه.
وكان من كلام علي رضي الله عنه أن قال :
( يا أمير المؤمنين, إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثر ولا قلة, هو دينه الذي أظهر, وجنده الذي أعزه وأمده بالملائكة حتى بلغ ما بلغ, فنحن على موعود من الله والله منجز وعده, وناصر جنده ومكانك منهم يا أمير المؤمنين مكان النظام من الخرز يجمعه ويمسكه, فإذا انحل تفرق ما فيه وذهب, ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا, والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثير عزيز بالإسلام, فأقم مكانك واكتب إلى أهل الكوفة فهم أعلام العرب ورؤساؤهم, فليذهب منهم الثلثان ويقيم الثلث, واكتب إلى أهل البصرة يمدونهم أيضا).
المعركة:
بلغ عدد جيش المسلمين ثلاثين ألفا، جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه النعمان بن مقرن رضي الله عنه أميرا على الجيش.
وأما الفرس فكانوا مئة وخمسين ألفا، وكان قائدهم الفيرزان.
بدأ القتال وكان قتال شديدا لم يعهد مثله، وقد قتل من الفرس مقتلة عظيمة، ولكن فرس النعمان بن مقرن زلقت به، فوقع، فمات، ولم يشعر به أحد سوى أخيه سويد، وأخفى موته ودفع الراية إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فأقام حذيفة بن اليمان أخاه نعيما مكانه، وأمر بكتم موته حتى ينفصل الحال لئلا ينهزم الناس.
فلما أظلم الليل انهزم الفرس مدبرين وتبعهم المسلمون وكان الكفار قد قرنوا منهم ثلاثين ألفا بالسلاسل وحفروا حولهم خندقا، فلما انهزموا وقعوا في الخندق وفي تلك الأودية نحو مائة ألف ورجعلوا يتساقطون في أودية بلادهم فهلك منهم بشر كثير نحو مائة ألف أو يزيدون، سوى من قتل من المعركة، ولم يفلن منهم إلا الشريد.
وكانت هذه المعركة آخر معركة مع الفرس سقطت بعدها الإمبراطورية الفارسية إلا الأبد وكانت نهاية البطل و القائد العظيم والصحابي الجليل النعمان بن مقرن البدوي الذي سقطت على يديه إمبراطورية فارس.
بواسطة: محمد هاروش