كانت معركة القادسية في أول السنة الرابعة عشر من الهجرة, وكان قائد جيش المسلمين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, وكان قد أصابه عرق النسا, ودمامل في جسده, فهو لا يستطيع الركوب, وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق الوسادة وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره, وقد جعل أمر الحرب إلى خالد بن عرطفة.
وكان عدد جيش المسلمين ما بين السبعة آلاف الثمانية آلاف, أما قائد جيش الفرس فكان رستم وكان عدد جيشه ستين ألفاً.
خطب سعد بالناس فلما انتهى بر أربعا ثم حملوا يعد الرابعة فاقتتلوا حتى كان الليل فتحاجزوا, وقد قتل من الفريقين بشر كثير, ثم اقتتلوا في اليوم الثاني والثالث حتى الليل, كل ذلك بدون أيكون لأي من الفريقين غلبة على خصمه, فلما أصبح اليوم الرابع اقتتلوا قتالاً شديداً, وقد قاسوا من الفيلة بالنسبة إلى الخيول العربية بسبب نفرتها أمراً بليغاً, وقد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها, وقلعوا عيونها, وأبلى المسلمون بلاء منقطع النظير.
فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم ويسمى يوم القادسية, وكان يوم الإثنين من محرم سنة أربعة عشر هبت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس عن أماكنها وألقت سرير رستم الذي هو منصوب له, فبادر فركب بغلته وهرب, فادركه المسلمون فقتلوه, وقتلوا الجالينوس مقدم الطلائع القادسية, وانهزمت الفرس.
و تعتبر معركة القادسية بداية لانتصارات عظيمة حققها المسلمون في سلسلة معاركهم ضد الفرس.
من نتائج المعركة:
وكان مما أدى إليه انتصار المسلمين أن تقلصت نفوذ الدولة الفارسية في العراق بعد سيطرة المسلمين عليها.
أسلمت العديد من القبال التي تسكن على ضفاف النهر بعد المعركة وأتت وفودها مسلمةً إلى سعد بن أبي وقاص وأسلم العديد من الجنود الفرس أيضا لما رأوه من قوة المسلمين الإيمانية.
كسب المسلمون الكثير من الغنائم في هذه المعركة، كان أبرزها رايةُ فارس الكبرى وقد كان اسمها: “درفش كابيان”.
بعد أن فتح خالد بن الوليد والمثنَّى -رضي الله عنهما- بلاد الرافدين كتب أهلها عهودًا وذممها لهما، ولما غادرها خالد رضي الله عنه ورجع أهلها من الفرس إليها نقض العراقيون هذه العهود ما عدا بعض من مناطق العراق، فكان من نتائج معركة القادسية أن تمت كتابة العهود مرة أخرى وقبل المسلمون من أهل العراق عهودهم رغبة بتآلف القلوب فاستتب الأمن وانتشر الاستقرار في العراق من جديد.